يعتمد الجانب الأكبر من نجاح الجهود الرامية إلى تعزيز استدامة توسُّع انتشار الثقافة الإسلامية وفنونها على استخدام أسلوبٍ مبتكر في التعريف بها للشعوب التي لا يسعُها فهم مضامينها. وفي الوقت ذاته، فإنه ليس ثمة إمكانية للتعريف بها على الوجه المناسب في ميدان العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية.
يتمثل العنصر الأساسي لهذا النمو الثقافي في استخدام أشكال الفن الدائم، وهي اللغة المشتركة بين المجتمعات وأساس ارتقاء المجتمعات والدول. تساعد مثل هذه الممارسات والأساليب التي يستخدمها المهتمون بالثقافة والفن عالميًا على إثراء الفهم وتعزيز التواصل الملموس مع الجماهير المستهدفة، فضلاً عن دورها في إنشاء حوار دولي قائم على مستقبل التطور الإسلامي.
إن عدم قدرة الجماهير الدولية على فهم معاني الكتابات الإسلامية المزخرفة يؤدي إلى تباطؤٍ في تطوير ثقافة إسلامية مستدامة ومبدعة؛ إذ إنّ هذه الجماهير تولِي اهتماماً خاصاً بمظاهر الأخلاق والتدين والروحانية القائمة على الفن والإبداع، ولكنهم يتعذّر عليهم فهم المعاني والتعاريف المرتبطة بفن الخط الإسلامي بشكل مباشر. ويمكن تقليص هذه الفجوة في الفهم على المستوى العالمي من خلال الاستعانة بوسيلة مبتكرة تعتمد على فن الخط والزخرفة
وإنّ نهجاً يجمع بين الفن والثقافة والابتكار الفعال من شأنه المساعدة في نشر المفاهيم والأفكار الإسلامية؛ فهذا النمط الجديد من الأعمال الفنية هو بمثابة جسرٍ يعزز التواصل مع الثقافات الأخرى وشعوب العالم، فضلاً عن كونه نموذجاً يمثِّل العالم الإسلامي.
استمر "فن الخط الإسلامي" الغني والذي يحظى بكثير من التقدير عبر فترات مختلفة من التاريخ بفضل أصالة المحتوى العربي وحُسن اتساقه وتناغمه مع أساليب الفن الزخرفي "التذهيب" (أو ما يسمى بالإنجليزية (illumination and gilding)، وهو أسلوب يحظى بشعبية في الأوساط والمجتمعات الإسلامية. وللأسف، فقد كانت قليلةً الجهود التي ركزت على تطوير فن الخط والتذهيب وتعزيز رواجه بين الجماهير غير المسلمة.
وتتمثل نتائج ذلك في زيادة القدرة على فهم المحتوى العربي، وتزايُد الاهتمام به، وتشكيل رؤية عالمية وتوجُّه نحو الانخراط في العمل الفني الإسلامي، وتغيير نظرة الشعوب تجاه الفن والثقافة الإسلامية، والمساهمة في تعزيز النمو والعمل الإبداعي في هذا المجال. وتُعد هذه الحداثة بمثابة بوابة لتعزيز التواصل بين الثقافات، علاوة على كونها وسيلة لتمثيل المحتوى الإسلامي بدقة.
ويُعد إنشاء أعمال فنية عالية الجودة تتميز بالخصائص المذكورة أعلاه عملاً قيِّماً، يسهم في تعزيز الثقافة الإسلامية. ولا شك أن الفنانين الذين يقدِّمون أعمالاً فنية متعددة اللغات سيكون لهم دورٌ جوهري في تعزيز الثقافة الإسلامية الآن وفي المستقبل. إن استخدام فن الخط غير العربي ومتعدد اللغات يكمِّل الأعمال الفنية العربية ويثريها، ويرتقي بمكانتها على المستوى العالمي.
الترويج لمحتوىً ثنائي اللغة أو متعدد اللغات بأعمال فنية تمثِّل اللغة العربية فيها اللغة المصدَر، وإثراء هذا العمل الفني بــأسلوب "التذهيب"، وسيلة فعالة تسهم في تحقيق النمو المبتكر والفريد لتراث العالم الإسلامي وتعزيز انتشاره عالمياً.